سلط تقرير بريطاني، الضوء على مساعي الولايات المتحدة الأمريكية العمل بفكرة قديمة تتمثل بتعزيز نفوذها في العراق، عبر ربط أموال الدعم الأمريكي لهذا البلد، بشركاتها الكبرى، بالإضافة إلى محاولة الحصول على دعم السعودية في تقوية هذا التوجه، الذي سيرتضيه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لمجرد أنه ليس دعما أمريكياً مباشراً.

وذكر موقع "أويل برايس" البريطاني، المتخصص بقضايا الطاقة في تقرير له ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "الولايات المتحدة تخوض منذ ما بعد غزو العراق عام 2003، معركة خلفية مع إيران الساعية لتعزيز نفوذها في العراق، بمساعدة انتهازية من روسيا والصين".

وأوضح التقرير، أن "الجهد الامريكي الخلفي، تضمن في البداية قيام واشنطن بتقديم عشرات مليارات الدولارات على شكل مساعدات مالية، لكن انتهى الأمر بمعظم هذه الأموال في حسابات مصرفية خارجية للعديد من المسؤولين العراقيين".

السطوة الإيرانية

وأضاف أن "واشنطن حاولت أيضا ربط المساعدة المالية بأهداف محددة، وأبرزها كبداية وقف العراق لوارداته من الغاز والكهرباء من إيران، لكن هذا لم يكن له أي تأثير أيضا، حيث وافق العراق مؤخرا على تمويل أمريكي كبير على أساس أنه سيقوم بوقف وارداته لكنه لم يفعل ذلك، ثم قام بابرام صفقة طويلة الأمد مع طهران لمواصلة الحصول على هذه الواردات".

ولفت التقرير، إلى أن "واشنطن تتطلع الى توسيع فكرة جاءت قبل سنوات من وزارة الخارجية الأمريكية تتمثل في الاستمرار في تقديم المساعدة المالية الحاسمة للعراق، لكن هذه المرة عبر ربط ذلك بالعراق بما يتيح للشركات الأمريكية الكبيرة بالمشاركة في المشاريع الرئيسية في قطاعات النفط والغاز والبنية التحتية المرتبطة بها".

أموال سعودية

ونوه إلى أن "العوامل المساعدة لهذه المقاربة الأمريكية، تأمين دعم على الأرض من السعودية التي ماتزال تعتبر بمثابة حليف لواشنطن، وعدو لإيران في المنطقة، وهو ما كان وراء الإعلان في الأسبوع الماضي عن سلسلة من الخطط السعودية التي سيتم التعاون فيها مع العراق".

وبين التقرير البريطاني، أن "العلاقة السعودية- الأمريكية هي أقل متانة على كلا الطرفين مما كانت عليه قبل أن تشن المملكة حرب أسعار النفط الأولى في العام 2014، بهدف تدمير أو على الأقل إعطاب صناعة النفط الصخري الأمريكية الناشئة أنذاك".

وبرغم ذلك، أشار التقرير، إلى أن "من وجهة النظر السعودية، فإن الولايات المتحدة هي بمثابة اللاعب الوحيد بالنسبة إليها فيما يتعلق بوقف الخطط الإيرانية للهيمنة الإقليمية".

الطاقة والمياه العراقية

وتابع "الكثير من الضجة الاعلامية اثيرت حول قيام شركة النفط والغاز السعودية العملاقة ارامكو باجراء محادثات مع عدد من الوزارات العراقية مقابل مليارات الدولارات في إطار عقود في مجالات الطاقة والكهرباء والمياه والبتروكيماويات".

ونقل التقرير، عن وزير النفط العراقي إحسان إسماعيل، إشارته إلى أن "من بين عناصر هذه المبادرة هو أن "ارامكو" ستتولى تنفيذ صفقة تنقيب وتطوير لمكامن الغاز في الصحراء الغربية".

وأوضح موقع "أويل برايس" في تقريره أنه علم أن "هذه الاتفاقية المؤقتة لعقود الغاز، قد تم إبرامها منذ أكثر من شهر وفي إطار ذلك، بدأت وزارة النفط أعمال استكشاف جادة ثنائية وثلاثية الأبعاد في الأنبار ونينوى في ذلك الوقت تقريباً".

وكان وزير النفط العراقي، قد تحدث في الأسبوع الماضي، عن عقود إضافية بين السعودية والعراق، قد يتم إبرامها مع شركة "اكوا باور" السعودية لتشييد محطات للطاقة النظيفة والطاقة الشمسية وتحلية المياه في العراق.

واعتبر التقرير، أن بالنظر إلى أن السعودية نفسها لم تعلن إلا مؤخرا انها كانت تبدي اهتماما بهذه العطاءات لبناء محطات تحلية المياه، فن ذلك قد يقود الى استنتاج ان العقود التي تقودها "اكوا باور" في العراق يرجح أن تتضمن مشاركة شركات أمريكية أيضاً.

الصدر والحكيم

وتابع "لأجل فهم أسباب اعتقاد الولايات المتحدة انه من الضروري استخدام السعودية لابعاد العراق عن إيران، بدلا من قيام واشنطن بكل شيء بنفسها، فانه من الضروري ملاحظة نقطتين سياسيتين محليتين:

أولاً، التوجه القومي المتشدد الذي يمارسه "الزعيم الفعلي للعراق" مقتدى الصدر، يعكس سياسة شرسة بشكل خاص عندما يتعلق الامر بالولايات المتحدة، حيث امضى الصدر سنوات في قيادة حملة تمرد دموية ضد الاحتلال الامريكي، ورغم ذلك فإن الصدر يدرك بوضوح أن واشنطن تقف وراء استعداد المملكة السعودية المفاجئ للاستثمار في العراق، لكنه سيكون بإمكانه أن يظل يردد لمؤيديه في تحالف "سائرون"، أن الأموال تأتي "من دولة عربية شقيقة.

ونوه التقرير البريطاني، إلى أن "خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، كان هناك تغيير جذري في نظرة أحد أبناء عائلة الحكيم واسعة النفوذ في العراق، إلى الابن الأوسط، عمار الحكيم، في تناقض مباشر مع موقف عائلته الموالي لإيران، وعلى رأسهم والده عبد العزيز الحكيم، الذي تراس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي قبل وفاته في العام 2009".

وأشار التقرير، إلى "انسحاب عمار الحكيم من المجلس الاعلى في العام 2017 وتأسيسه تيار الحكمة القائم على مفاهيم غير طائفية والذي تحدث عنه عمار الحكيم سابقا بالقول إن (لأجل ضمان انتخابات ديمقراطية تشمل جميع اطياف العراق، بعيدا عن الاستقطاب الطائفي والقومي، والشروع في أفق سياسي جديد، لأن العراق يجب أن يكون في سلام مع نفسه)".

صفقات سعودية

وفي إطار المبادرات من جانب السعودية نوه التقرير إلى وجود مجموعة كبيرة من الصفقات الجديدة المقبلة من جانب الولايات المتحدة نفسها، والتي تتضمن أحدث الصفقات التي تم إبرامها او طرحها لشركتي "شلمبرجير و"هاليبرتون"، والتي قامت "اويل برايس" بنشر تحليلا حولها على موقعها.

وتابع أن قبل ذلك، "هناك سلسلة من الصفقات المتتالية والمتعلقة بتطوير قطاع الغاز العراقي، والتي تهدف تحديدا إلى إنهاء اعتماد العراق على الطاقة الإيرانية".

وخلص التقرير إلى القول "يجب متابعة ما اذا كان اي من هذه التحركات ستنجح في نهاية المطاف في إبعاد العراق عن إيران والصين وروسيا، برغم أن السابقة التاريخية لا تدل على ذلك".

وأشار إلى أن "نجاح المبادرة الامريكية الحالية في العراق يرتبط ارتباطا عكسيا بما اذا كان سيتم ابرام صفقة نووية جديدة مع ايران ام لا"، موضحا ان "قدرة ايران، على التاثير في العراق، من دون اتفاق (نووي) تبقى مقيدة بقوة بسبب افتقارها الى الدولارات او الذهب لتشجيع الأنشطة الموالية لايران للسياسيين العراقيين ودفع الأموال للجماعات شبه العسكرية الموالية لايران".

وختم التقرير البريطاني، حديثه بالقول إن "في ظل اتفاق نووي جديد، ستشهد ايران تدفقا سريعا للأموال، وسيستأنف تدفق أموال النفوذ إلى العراق، وستصبح الولايات المتحدة منبوذة مرة أخرى".

 

 

قائمه


 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

شناشيل  للاستضافة والتصميم

pepek