!!لا تهبوا لنجدة القصير

لست محللاً عسكرياً، ولا أستطيع الادعاء بأنني كذلك، بيد أن التحليلات العسكرية المُضَلِلّة لبعض  المحللين الفضائيين مثل العميد  صفوت الزيات، في أكثر من حرب دارت رحاها في المنطقة العربية المنذور ثراها للتَعَمُد المستمر بالدماء، جعلتني اتجرأ على تجريب يدى في كتابة ما يطمح الى أن يكون  تحليلاً عسكرياً، أو شبه تحليل، لبعض وقائع الحرب في سوريا.    
 واستجابة للرغبة في أن أطرح تحليلاً مختلفاً عن تحليلات العميد الزيات ونظرائه الفضائيين، ابدأ في توجيه نداء الى المقاتلين الأحرار الشرفاء الأنقياء، غير التكفيريين وغير الارهابيين والطائفيين في الجيش الحر، بأن لا يهبوا إلى نجدة القصير  ، وألاّ يعيروا اذاناً صاغية للنداء الذي أطلقه السيد جورج صبرا، الذي أعتقد أن ذكاءه خانه و تخلى عنه في اللحظات التي وقف خلالها أمام كاميرات الفضائيات ليطلق ما أراد أن يكون نداءً تاريخياً يدشن مرحلة مفصلية في الأزمة السورية، وأن يحدث فرقاً هاماً في المواجهة بين الجيشين السوريين- "الحر"  و"جيش النظام".

القصير سقطت استراتيجياً بعد أن عزلها "الجيش السوري" عمّا حولها، وتوقفت عن القيام بوظيفتها كمعقل ونقطة وصل وملتقى خطوط امدادات بشرية ولوجستية هامة بالنسبة للجيش الحر. نتيجة لسقوطها استراتيجيا، تحولت القصير من رصيد وذخر ثمين الى عبء ثقيل جدا،  لابد أن يكلف الاحتفاظ به الكثير من الخسائر البشرية والمادية

ما لا أشك فيه أن نداء السيد صبرا سيحدث فرقاً لو تمت تلبيته من قبل اعداد كبيرة من المقاتلين. بيد أنه سيكون فرقاً في غير مصلحتهم، إذ سيجدون أنفسهم عالقين في فخ الحصار الكبير الذي نصبه الخصم في القصير وريفها. إن تلبية المحاربين لنداء السيد صبرا ستأتي استمرارا لعملية اللعب في يدي نظام بشار الأسد التي  كتبت عنها في مقالة سابقة ،  أو بتعبير أدق، في يد قادة جيشه.  وهذا ما حدث بالفعل، إذ تفيد الأنباء بـ"نجاح" بعض المقاتلين في التسلل الى داخل بلدة القصير المحاصرة، كما تفيد أنباء أخرى بأن عدد المتسللين صغير، سقطت الغالبية منهم قتلى برصاص الجيش السوري وحليفه حزب الله.
 تحول القصير الى مقبرة كبيرة هو ما ستؤدي اليه الاستجابة لنداء السيد صبرا جراء سقوط مئات من القتلى خلال صمود واستبسال - عبثيين في هذه اللحظة بالذات- في الدفاع عن معقل سقط منذ الساعات الأولى من حصاره. القصير سقطت استراتيجياً بعد أن عزلها "الجيش السوري" عمّا حولها، وتوقفت عن القيام بوظيفتها كمعقل ونقطة وصل وملتقى خطوط امدادات بشرية ولوجستية هامة بالنسبة للجيش الحر. نتيجة لسقوطها استراتيجيا، تحولت القصير من رصيد وذخر ثمين الى عبء ثقيل جدا،  لابد أن يكلف الاحتفاظ به الكثير من الخسائر البشرية والمادية مثلما يحدث الآن وشدة الحصار حولها مستمرة في الزيادة.
 إن الإصرار على التمسك بالقصير يصب في مصلحة جيش بشار الأسد، الذي استغل انشغال  قوات المعارضة والاعلام العربي والدولي بها للقيام بعدد من العمليات العسكرية التي أكدت الرأي السائد حاليا بأنه أمسك بزمام المبادرة بطريقة ادت إلى تغيير ملحوظ في موازين الصراع. فخلال الايام القليلة الماضية، حققت وحدات من "الجيش السوري"  عددا من الاختراقات العسكرية، التي لا أظن أن قيادة "الجيش الحر" قد توقعتها  لانشغالها شبه الحصري بالقصير. فبينما كان  الاعتقاد أن جيش النظام سيزحف، في مراحل متتالية، حول محور عامودي من الجنوب الى الشمال انتهاء بحلب، قامت بعض وحداته بالتحرك السريع، بالتزامن مع تضييق الخناق على القصير، في منطقة حلب للسيطرة على  (ضهرة عبد ربه) على  الطريق الدولي بين تركيا وحلب، في محاولة  لقطع طريق الإمداد والدعم لقوات المعارضة. كما سيطرت وحدات أخرى على (ضهرة القرعة) القريبة من قرية عندان على الحدود السورية التركية لقطع خطوط الإمداد  بين إدلب وحلب.
 عمد جيش النظام منذ بداية الاقتتال الى الانسحاب من المواقع التي لا يستطيع الاحتفاظ بها  ثم العودة لاستردادها فيما بعد، ويبدو أن هذا ما كان يجب ان يحدث في القصير، بدلاً من الموت الجماعي العبثي.

Twitter:@RashedAlkhaldi

 

قائمه


 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

شناشيل  للاستضافة والتصميم

pepek